جنة الرضا
الحمد لله، وبعد:
في الصحيحين عن كَعْب بن مالك قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَثَلُ المُؤْمِنِ كَالخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، تُفَيِّئُهَا الرِّيحُ مَرَّةً، وتَعْدِلُهَا مَرَّةً، ومَثَلُ المُنَافِقِ كَالأرْزَةِ، لا تَزَالُ حتَّى يَكونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً واحِدَةً]
قال ابن القيم:
(هذا المثل ضرب للمؤمن وما يلقاه من عواصف البلاء والأوجاع والأوجال وغيرها فلا يزال بين عافية وبلاء، ومحنة ومنحة، وصحة وسقم، وأمن وخوف، وغير ذلك، فيقع مرة ويقوم أخرى، ويميل تارة ويعتدل أخرى، فيكفر عنه بالبلاء ويمحص به ويخلص من كدره، والكافر كله خبث ولا يصلح إلا للوقود فليس في إصابته في الدنيا بأنواع البلاء من الحكمة والرحمة ما في إصابة المؤمن فهذه حال المؤمن في الابتلاء) مفتاح دار السعادة [1 / 127 ].
قال أبو الحسن التهامي:
طُبعتْ على كدر وأنت تريدها ***** صفواً من الأقذار والأكدار
فكن صابرا راضيا فما هي إلا أيام قلائل تنقضي لتصبح من الذكريات، والفائز من صبر والصبر هنا بمفهومه الواسع لا الصبر فقط على البلاء والمصائب، وأعلى منه الراضي بقضاء الله وقدره فالرضا درجة أعلى من الصبر فرب صابر لكنه متسخط أو كثير الشكاية أو جازع…الخ، وأما الراضي بقضاء الله وقدره فهو محقق لركن من أركان الإيمان الستة، فقد رضي بما قدره الله وقضاه بنفس طيبة منشرحة لعلمه أن اختيار الله له خير من اختياره لنفسه فالله يعلم السر و أخفى تعالى ربنا وتقدس، قال سبحانه في حق المؤمنين الذين فرض عليهم القتال في سبيل الله مع أنه مكروه للنفس بطبعها:
{كُتِبَ عَلَيكُمُ القِتالُ وَهُوَ كُرهٌ لَكُم وَعَسى أَن تَكرَهوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُم وَعَسى أَن تُحِبّوا شَيئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُم وَاللَّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمونَ} [البقرة: ٢١٦].
From Blogger iPhone client
تعليقات
إرسال تعليق